
في إنجاز تاريخي جديد يعكس قوة الرؤية التنموية والتحديث المستمر للاقتصاد المغربي، حقق المغرب قفزة نوعية كبيرة في نسخة 2025 من مؤشر الابتكار العالمي (Global Innovation Index – GII)، حيث ارتقى 9 مراتب ليحتل المركز 57 عالمياً، وهو أفضل ترتيب له على الإطلاق، مع دخوله لأول مرة ضمن قائمة أفضل 60 اقتصادًا مبتكرًا في العالم. هذا التقدم المذهل جاء نتيجة جهود متواصلة لتحويل الاقتصاد المغربي من الاعتماد على الموارد التقليدية إلى اقتصاد رقمي متقدم يعتمد على التكنولوجيا العالية ورأس المال غير المادي.
وفقًا لتقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية الصادر في سبتمبر 2025، جاء المغرب في المرتبة 77 عالمياً في مؤشر مدخلات الابتكار، وهو ما يمثل تحسناً بواقع 12 مرتبة مقارنة بالعام السابق، بينما وصل إلى المركز 51 في مؤشر مخرجات الابتكار، محققًا قدرة قوية على تحويل الاستثمارات والموارد إلى منتجات وخدمات عالية الجودة وذات قيمة مضافة في السوق العالمية.
ويبرُز التقرير بصورة خاصة تفوق المغرب في صناعة التكنولوجيا العالية التي تمثل نحو 50% من إجمالي إنتاجه الصناعي، حيث حصل على المرتبة 12 عالميًا في هذا المجال، بالإضافة إلى تسجيله المرتبة السادسة عالميًا في إيداع الرسوم الصناعية نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ما يشير إلى ديناميكية القطاع الصناعي المرتبط بالابتكار. كما جاء المغرب في مراكز متقدمة في مجالات الإنفاق على التعليم (المرتبة 16)، نمو إنتاجية العمل (24)، وحقوق الملكية الفكرية والعلامات التجارية (26)، مما يعكس تعزيز قدرة القطاع الخاص على الابتكار وخلق قيمة غير مادية حقيقية.
ويصنف مؤشر الابتكار العالمي المغرب ضمن فئة “الدول المتجاوزة للتوقعات الابتكارية” (Innovation Overperformer)، جنبا إلى جنب مع دول نامية كالهند وفيتنام والبرازيل، في إشارة إلى التزامه واستراتيجية واضحة تعزز نظام الابتكار الوطني وتدعمه بالبحوث والتطوير والبنية التحتية التكنولوجية الحديثة. هذا التميز يؤكد استجابة المغرب السريعة لمتطلبات الاقتصاد المعرفي العالمي، والرغبة في الارتقاء بهيكل الإنتاج الوطني بعيدًا عن الاقتصادات التقليدية منخفضة التكلفة.
ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن المغرب ما زال بحاجة لتعزيز استثماراته البحثية وتوطيد الشراكات بين الجامعات ومراكز البحث العلمي مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى تطوير بيئة الابتكار لضمان استدامة النجاح وتحقيق قفزات أكبر في المستقبل. ويؤكد المختصون أن تعزيز هذه النواحي يعد حاسمًا لتمكين المغرب من تحقيق موقع ريادي مستدام في الابتكار عالمياً، وعدم الاكتفاء بمراتب مرتفعة فقط، بل تحويلها إلى محركات نمو اقتصادي واجتماعي مستمر.
عالمياً، تتصدر قوائم الابتكار سويسرا والسويد والولايات المتحدة، فيما تظهر نسخة 2025 من المؤشر رسائل لهذه البلدان حول أهمية مواصلة الدعم للاستثمار في البحث العلمي والتكنولوجيا لضمان مستقبل مستدام. أما بالنسبة للمغرب، فإن هذا الإنجاز يضيء الطريق أمام تحقيق أهدافه الطموحة في التحول الرقمي وتنويع اقتصاده، ويضعه في قلب المنافسة الدولية ضمن الدول السائرة بثبات نحو اقتصاد معرفي حديث وقوي.
باختصار، يمثل هذا التقدم في مؤشر الابتكار إشارة واضحة على نجاح المغرب في بناء اقتصاد المستقبل، بفضل الاستراتيجيات الحكيمة، والموارد البشرية المؤهلة، والرغبة القوية في تحقيق نقلة نوعية واسعة النطاق تخدم التنمية المستدامة ورفع جودة حياة المواطنين وتعزيز مكانة المغرب على الخارطة العالمية للابتكار والتكنولوجيا.
Photo de Jakub Zerdzicki: https://www.pexels.com/fr-fr/photo/gros-plan-d-une-imprimante-3d-en-atelier-33984280/