pexels-pixabay-33192

يشهد المغرب في الآونة الأخيرة اهتماماً غير مسبوق من قبل كبريات الشركات العالمية المتخصصة في مجال التعدين، بعدما أعلنت الشركة الأسترالية Zeus Resources Limited عن انطلاقة مرحلة جديدة من عمليات الاستكشاف في مناطق الأطلس الصغير والمتوسط، بحثاً عن الذهب والمعادن الاستراتيجية التي أصبحت محط طلب عالمي متزايد في زمن التحول الطاقي والرقمي.


شراكة استراتيجية تعزز موقع المغرب المنجمي

قطاع التعدين المغربي تلقى دفعة قوية مع توقيع Zeus Resources اتفاقية تعاون مع العملاق الأمريكي Newmont، أحد أكبر المستثمرين في المعادن على المستوى الدولي. هذه الشراكة تمنح الشركة الأسترالية حق الاستفادة من قاعدة بيانات جيولوجية متراكمة لعقود، تغطي مناطق الأطلس والميسيتا الوسطى، وهو ما يشكل ورقة رابحة لها خلال السنوات الخمس المقبلة.

الاتفاقية لم تقتصر على تبادل المعلومات فحسب، بل نصت على أن تحصل Newmont على نسبة 1% من صافي العائدات في حال تطوير مشاريع ناجحة، مع احتفاظها بحق شراء الامتيازات المعدنية التي قد تعرضها Zeus للبيع على مدى 15 سنة، وهو ما يبرز الثقة في مستقبل التعدين بالمغرب.


ذهب ومعادن نادرة تحت أقدام المغاربة

توجه أنظار الشركات العالمية نحو المغرب يرتبط بثروات طبيعية متنوعة، تشمل الذهب، النحاس، الفضة، إضافة إلى معدن الأنتيموان الذي يكتسي أهمية استراتيجية عالمياً لدخوله في صناعة البطاريات الحديثة، الرقائق الإلكترونية، وحتى الصناعات الدفاعية.

تقارير جيولوجية حديثة كشفت نسب تركيز مرتفعة من هذا المعدن في عينات تم تحليلها بالدار البيضاء، حيث بلغت 46.5%، ما يؤكد غنى المناطق المغربية وملاءمتها لاستثمارات ضخمة. وتعود جاذبية هذه المناطق الجبلية إلى طبيعتها الصخرية القديمة جداً، إذ تعود إلى ما قبل الكمبري، ما يجعلها أرضاً خصبة للاكتشافات.


المغرب وجهة استثمارية بامتياز

بعيداً عن ثرواته المنجمية، يوفر المغرب بيئة استثمارية مستقرة، تجمع بين الإطار القانوني العصري، البنية التحتية المتطورة، والموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يسهل تصدير المعادن نحو أوروبا وإفريقيا. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن التعدين يساهم بنحو 10% من الناتج الداخلي الخام، ويغطي حوالي 30% من الصادرات المغربية، مع مؤهلات واسعة لزيادة هذا الرقم عبر جذب استثمارات إضافية.

التعاون الأسترالي ـ الأمريكي يعتمد على أحدث الوسائل التكنولوجية مثل التحليل ثلاثي الأبعاد والذكاء الاصطناعي، ما يقلص من زمن الاستكشاف ويزيد فرص الوصول إلى اكتشافات نوعية تضع المغرب في واجهة أسواق المعادن العالمية.


انعكاسات محلية وفرص للشباب

لا يقتصر تأثير هذه الاستثمارات على الاقتصاد الوطني فقط، بل يمتد ليشمل المناطق القروية والجبلية حيث تنشط عمليات التنقيب. فالمشاريع المنجمية تفتح الباب أمام فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، إلى جانب نقل الخبرات إلى الكفاءات المغربية الشابة. كما يتوقع أن تساهم في تحسين البنيات التحتية المحلية وإنعاش الدورة الاقتصادية بالمدن والقرى الجبلية.


الأطلس يتحول إلى مركز للمعادن الإستراتيجية

المراقبون يرون أن المغرب، بفضل موقعه الجغرافي وثرواته غير المستغلة، مرشح ليصبح مركزاً أساسياً في سلاسل القيمة العالمية المتعلقة بالمعادن الحيوية للتحول الطاقي، خاصة مع تنامي الطلب على المواد المستخدمة في السيارات الكهربائية والتقنيات الرقمية الحديثة.

المسار الذي بدأته Zeus Resources يعكس بوضوح ثقة المستثمرين الأجانب في مستقبل التعدين بالمملكة، ويفتح آفاقاً واعدة لتعزيز مكانة المغرب كوجهة رائدة في قطاع المعادن على الصعيدين الإفريقي والعالمي.


نحو أفق اقتصادي جديد

بهذه الدينامية، يتحول الأطلس إلى أرض واعدة للذهب والمعادن الحرجة، ويخطو المغرب بثبات نحو مرحلة جديدة من استغلال موارده الطبيعية بطريقة مسؤولة ومستدامة. وإذا استمرت الإصلاحات وجُذبت استثمارات إضافية، فإن المملكة قد تجد نفسها قريباً في مصاف الدول المؤثرة على خريطة المعادن العالمية، بما يعود بالنفع المباشر على اقتصادها ومواطنيها

Photo de Pixabay: https://www.pexels.com/fr-fr/photo/equipement-lourd-rond-en-metal-brun-et-gris-sur-sable-33192/