pexels-hert-33561789

مقدمة – الذهب في مرمى الدولار

في الأثناء التي يلتفّ فيها العالم حول تقلبات الأسواق العالمية، يبدو الذهب في موقف حرج أمام صعود متواصل للدولار الأميركي. فقد تراجعت أسعار المعدن النفيس تدريجياً في السوق الفورية، ليواجه تداعيات مباشرة لرفع الدولار من جاذبيته أمام مستثمرين ذوي عملات أخرى. ويأتي هذا التراجع وسط ترقب دقيق لقرارات مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، وسط غموض يخيّم على سياسات كبح التضخم، وتصوّر الأسواق لمستقبل الفائدة الأميركية.


لمحة سوقية آنية

وفق أحدث المعطيات من “رويترز”، سجّل الذهب في التعاملات الفورية تراجعاً بنحو 0.2% إلى 0.5%، ليتراوح سعر الأونصة بين 3384 و3375 دولاراً. رغم ذلك، لم تتجاوز الانخفاضات حدّها، إذ تلقّف المعدن الأصفر بعض الدعم بسبب التوتّر السياسي الذي هزّ استقلالية البنك المركزي الأميركي، بعد تهديد الرئيس ترامب بعزل عضوة الاحتياطي فدرالي ليزا كوك، عسكرياً إذا ثبت تورّطها بملفّات ائتمانيّة. هذه الخطوة أثارت شكوكاً حول تدخل السلطة السياسية في القرارات النقدية، ما عزّز من تحوّل التدفقات الاستثمارية نحو الذهب كملاذ آمِن.


سر دعم الذهب في خضمّ الأزمة الأمريكية

الذهب لا يدر أرباحاً مثل السندات أو الودائع—وهذا ما يجعله أقل جذباً عندما ترتفع أسعار الفائدة. لكن في حالات عدم اليقين، يمنحه “محافظو الثروة” مرونة وقيمة ثابتة، وقد نجح في تعويض هذا النقص بفضل مخاوف سياسية وعناوين ساخنة صبّت في صالحه مؤقتاً.


الأسواق المغربية: الذهب وتحدّي الدرهم

وعلى امتداد الأطلسي، يلفت المغاربة أنظارهم إلى سعر الذهب في السوق المحلية، خصوصاً في ظل ارتباط المعدن بعادات اجتماعية كالأعراس والهدايا العائلية. حسب بيانات حديثة، يبلغ سعر الأونصة في المغرب حوالي 30,750 درهم، أي ما يعادل 988 درهم للغرام الواحد من عيار 24. هذا السعر هو الأعلى خلال عام، بعد أن قدّرت ذروة الأسعار سابقاً بنحو 31,714 درهم في أبريل . بالمقابل، فإن تقلبات الدرهم أمام الدولار تحدد مدى استفادة المتعاملين، فعلى الرغم من تراجع سعر الذهب عالمياً، قد يُعقّد ضعف الدرهم من مكاسب المشترين المحليين.


فرصة أم انتظار؟ نصائح للمستثمر المغربي

  1. قتنص الفرصة؟
    إذا كنت تفكّر في اقتناء قطع ذهبية (سبيكة أو مجوهر), فقد يكون الوقت مناسباً نسبياً، لاسيما إن ظل الدولار في منزلق صعوده. ولكن…
  2. أنتظر الاستقرار؟
    إن كانت ميزانيتك مرنّة، فقد تفضّل الانتظار لمعرفة نتائج مؤشر “الإنفاق الشخصي” الأميركي (PCE)، وهو المؤشّر المفضل لدى الفدرالي لتحديد مسار الفائدة المقبلة. التوقعات الحالية تشير إلى احتمالية خفض مقدّرة بـ 87% في اجتماع سبتمبر. Reuters+1
  3. تنويع المحفظة؟
    الذهب يبقى خياراً استراتيجياً على المدى البعيد، لكن قد يكون التوسّع نحو السندات أو الأصول المربوطة بالدولار (كالأسهم الأميركية أو الأوراق المالية المحلية المرتبطة بالدولار) خياراً ذكياً أيضاً، بما يخدم حماية رأس المال في سوق غير مستقرة.

الخلاصة: الذهب المغربي بين التقليد والمخاطرة

في ظل حالة الضباب السياسي الأميركي، ومؤشرات تباطؤ الفائدة، يجد الذهب نفسه مجدداً في قلب المنافسة الاستثمارية، خصوصاً أمام تحوّل الدولار للمركزية. بالنسبة للمغاربة، يبقى المعدن الأصفر واقعاً ثقافياً استثمارياً يصعب تجاوزه، لكن حساباته اليوم باتت أكثر تعقيداً بسبب ارتباطه بمدى استقرار الدرهم وسلوك الأسواق العالمية. إذا كان الشراء من شأنه حماية مدخراتك على المدى الطويل، فمن الحكمة أن تتمّه بخطى محسوبة، متزامنة مع تأخذ أبعاد السياسة النقدية والعملة الوطنية بعين الاعتبار.


أرقام موجزة للمرة الأخيرة

معدل عالمي (أونصة)سعر في المغرب (MAD/أونصة)سعر غرام 24K
3,384–3,375 دولاراًنحو 30,750 درهمحوالي 989 درهم

Photo de Hert Niks: https://www.pexels.com/fr-fr/photo/33561789/