pexels-elletakesphotos-1321124

شهدت أسواق السمك بالمغرب خلال الشهور الأخيرة موجة غلاء غير مسبوقة طالت “السردين”، الذي لطالما اعتُبر وجبة أساسية في مائدة المغاربة ولقّب بـ”سمك الفقراء”. اليوم، أصبح اقتناؤه يُثقل كاهل الأسر، وسط ارتفاعات متوالية في الأسعار تسببت في حالة من الاستياء والقلق داخل الأوساط الشعبية والمهنية.


من 10 دراهم إلى 30: الأسعار تشتعل

قفز ثمن الكيلوغرام الواحد من السردين من مستويات كانت تتراوح بين 5 و15 درهمًا قبل موجة الغلاء، إلى أرقام تتراوح اليوم بين 20 و30 درهمًا في العديد من الأسواق، بل تجاوز السعر ذلك أحيانًا في بعض المناطق الساحلية والداخلية. هذا التحول السريع في السعر فاجأ المواطنين، خصوصًا الفئات ذات الدخل المحدود التي تعتمد على السردين كأرخص مصدر للبروتين.


ما الذي يحدث؟ الأسباب متعددة ومتشابكة

ارتفاع أسعار السردين لم يكن وليد ظرف واحد، بل جاء نتيجة تداخل عدة عوامل هيكلية ومناخية واقتصادية، من أبرزها:

  • تراجع الكميات المصطادة بسبب التقلبات المناخية، من برودة غير معتادة إلى رياح قوية منعت قوارب الصيد التقليدي من الإبحار.
  • فترة الراحة البيولوجية، التي تُفرض سنويًا لحماية المخزون السمكي، خاصة في مناطق الصيد بين طانطان وطرفاية، ما يحد من وفرة السردين في السوق.
  • ارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة أسعار المحروقات التي أثقلت كاهل المهنيين ودفعهم إلى رفع الأسعار لتعويض الخسائر.
  • الاحتكار والمضاربة، حيث تلعب تعدد الحلقات بين الصيد والتوزيع دورًا كبيرًا في تضخيم السعر النهائي، وسط غياب رقابة صارمة.
  • تحويل الإنتاج للتصنيع والتصدير، وهو ما يخصم من الكميات الموجهة للسوق المحلية لصالح معامل التعليب والمبيعات الخارجية.

المواطن أول المتضررين

مع هذه الطفرة السعرية، وجد العديد من المغاربة أنفسهم عاجزين عن اقتناء السردين، الذي كان في السابق حلاً غذائيًا يوميًا ومتاحًا. التأثير امتد ليشمل السلة الغذائية للأسر المغربية، وسط ارتفاع متزامن لأسعار عدد من المواد الأساسية.

في الوقت ذاته، عبّر عدد من المهنيين عن استيائهم من اختلالات سوق التوزيع وغياب الدعم الكافي لخفض كلفة الإنتاج، مطالبين بتدخل عاجل لوقف هذا النزيف.


غضب شعبي وتناقضات صارخة

الشارع المغربي يعيش على وقع مفارقة مثيرة للجدل: بلد يُعتبر من أغنى الدول بثروته السمكية، لكنه يعاني من ارتفاع أسعار السمك بشكل يفوق أحيانًا ثمن اللحوم الحمراء. هذا التناقض أجّج مشاعر الغضب، وأطلق دعوات من المواطنين والنقابات المهنية للحكومة من أجل تفعيل إجراءات استعجالية لضبط السوق.


مطالب عاجلة وحلول ممكنة

من بين الحلول التي يُجمع عليها كثير من المتابعين:

  • فرض مراقبة صارمة على سلسلة التوزيع والحد من المضاربة.
  • إصلاح منظومة التسويق والتوزيع لضمان وصول السمك من الميناء إلى المستهلك بسعر عادل.
  • إطلاق دعم موجه للصيادين الصغار وتمويل عمليات النقل من موانئ الجنوب نحو المدن الكبرى.
  • تشجيع مشاريع الاستزراع السمكي لتعزيز العرض والحد من الضغط على المصايد الطبيعية.

خلاصة: السردين ليس استثناء

موجة الغلاء التي طالت السردين جزء من أزمة أوسع يعيشها السوق المغربي، حيث تتأثر القدرة الشرائية للمواطن بفعل ارتفاع الأسعار على جبهات متعددة. ويبقى تدخل الدولة وتنظيم السوق مسألة ملحّة لضمان العدالة الغذائية وتمكين الأسر من تأمين احتياجاتها الأساسية دون ضغط أو استنزاف