pawel-czerwinski-Yjp0TshmIUI-unsplash

مأساة إنسانية خلف القضبان

في مشهد يكشف عن هشاشة الحماية القنصلية للمواطن المغربي بالخارج، يعيش ستة شبان مغاربة وضعًا مأساويًا داخل سجون إقليم بونتلاند الصومالي، رغم صدور حكم ببراءتهم من تهم الإرهاب التي لاحقتهم ظلماً، بعد أن سافروا في رحلة بحث عن فرصة عمل، فوجدوا أنفسهم خلف القضبان، يواجهون الإعدام، وسط صمت دبلوماسي قاتل.


البداية: وعود وردية تنتهي باعتقال مرعب

قادت البطالة وقساوة الظروف الاقتصادية هؤلاء الشبان إلى الهجرة نحو الصومال، بعدما تلقوا وعودًا مغرية من وسطاء بمناصب وأجور مجزية. لكنهم، ولغياب المعرفة المسبقة بتعقيدات الوضع الأمني هناك، سرعان ما وقعوا في فخ الاستغلال والخداع.

في منطقة بونتلاند، تم توقيفهم من قبل السلطات المحلية، التي وجهت لهم تهمًا ثقيلة بالانتماء لتنظيم “داعش”، قبل أن يُحوّلوا إلى محكمة عسكرية، أصدرت في مارس 2024 حكمًا بالإعدام، تحت ذريعة “دعم جهة إرهابية ومحاولة زعزعة الاستقرار”.


الحقيقة تظهر متأخرة… لكن المصير لم يتغير

خلال فترة احتجازهم، قدمت عدة هيئات إنسانية، من بينها الهلال الأحمر، إفادات تؤكد أن الشبان لجأوا إليها فرارًا من جماعات مسلحة كانت تسعى لتجنيدهم قسرًا. بل إن المحكمة العسكرية ذاتها أصدرت لاحقًا حكمًا نهائيًا باللغة العربية، يؤكد أن لا صلة لهم بأي تنظيم إرهابي.

رغم هذا القرار، لم يتم تنفيذ أمر ترحيلهم إلى المغرب. لقد أُعلن عن براءتهم، لكن السجن لا يزال يبتلع أيامهم.


حياة معلّقة في زنزانة معزولة

من داخل سجن “غاروي”، يصف المعتقلون المغاربة ظروف احتجازهم بـ”المأساوية”: زنزانة معزولة، طعام شحيح، انعدام الرعاية الطبية، وحصار نفسي خانق. لا يُسمح لهم بالاتصال بأسرهم سوى مرتين في الأسبوع، بينما تتدهور صحتهم البدنية والنفسية دون أن تلوح في الأفق أي بوادر انفراج.


عائلات تستغيث… والسلطات غائبة

تتوالى نداءات أسر المعتقلين إلى السلطات المغربية من أجل التدخل العاجل، غير أن الاستجابة لا تزال باهتة. الشبان يشعرون بـ”الخذلان”، وهم يرون الوقت يمضي دون أي تحرك فعلي يعيدهم إلى أرض الوطن، رغم صدور حكم البراءة قبل أكثر من سنة ونصف.


الدبلوماسية الغائبة… والعقبة السياسية

العقبة الأساسية تكمن في غياب علاقات دبلوماسية مباشرة بين المغرب وإقليم بونتلاند غير المعترف به دوليًا. السلطات الصومالية ترفض تسليم الشبان دون اتفاق رسمي، بينما يبدو أن الرباط لم تحرك المياه الراكدة بعد.

وقد قامت منظمات حقوقية مغربية، من ضمنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بمحاولات للتواصل والضغط لإلغاء حكم الإعدام وضمان عودتهم، إلا أن العملية توقفت عند مرحلة الوعود، دون تنفيذ فعلي حتى منتصف 2025.


رسالة إلى الرأي العام والمسؤولين

قضية هؤلاء الشبان ليست مجرد مأساة فردية، بل جرس إنذار مدوٍ بشأن مصير العمالة المغربية في مناطق النزاع، وضرورة توفير حماية قانونية ودبلوماسية حقيقية. كما تعكس ضعف حضور المؤسسات الرسمية في ملفات دولية تمس كرامة وحياة المواطنين.

إنها دعوة عاجلة لكل مسؤول مغربي: هناك أرواح تنتظر الخلاص، وحكم بالبراءة ينتظر التنفيذ… فهل من تحرك قبل فوات الأوان؟

Photo de Pawel Czerwinski sur Unsplash