pexels-tomas-malik-793526-2990835

تحتفل مدينة وجدة في هذه الأيام بتجديد موعدها السنوي مع مهرجان الراي للشرق في دورته الجديدة، الذي يجسد العودة المتجددة لهذا الفن العريق في قلب العاصمة الشرقية. من 24 إلى 26 يوليوز 2025، يعكس المهرجان أجواء احتفالية فريدة تجمع بين إرث الراي التقليدي وحيوية الحاضر، مؤكداً مكانة وجدة كعاصمة لا منازع لها لهذا الفن الذي يعبر عن نبض الحياة الشرقية وروح التعايش.

وجدة: قلب الراي النابض

لطالما كانت وجدة مرتبطة بفن الراي، إذ شكلت المدينة مهدًا له، حيث نشأ هذا الفن وتطور فيها ليصبح جزءًا لا يتجزأ من هويتها الثقافية. وبفضل مهرجان الراي السنوي، الذي أصبح واحدًا من أبرز الفعاليات الموسيقية في المنطقة، يتمكن جمهور متنوع من مختلف الأعمار والخلفيات من الاحتفاء بهذا الفن الذي يلامس القلوب ويجمع بين الأجيال المختلفة في لحظات من الفرح والإبداع.

برمجة غنية ومفاجآت فنية

يشهد مهرجان الراي للشرق هذه السنة حضور مجموعة من أبرز الفنانين الذين تركوا بصمة في تاريخ هذا الفن، مثل حميد بوشناق، فضيل، رشيد برياح، والدوزي. كما يشهد الحدث حضور فنانين شباب أحدثوا ضجة في الساحة الفنية مثل زهير بهاوي، بدر سلطان، سعيدة شرف، وآدم الجلولي، ليقدموا للجمهور مزيجًا بين الكلاسيكي والتجريبي في عروضهم. هذه البرمجة الغنية تتيح للمشاهدين الاستمتاع بتجربة موسيقية فريدة تدمج بين الأصالة والتجديد.

مهرجان مفتوح للجميع

من أهم ما يميز مهرجان الراي لهذا العام هو فتح أبواب السهرات بشكل مجاني أمام الجميع. وهذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الثقافة الفنية وجعلها في متناول كافة أفراد المجتمع المغربي، سواء من عشاق الراي أو من المهتمين بالفن بشكل عام. تقام العروض في ساحة الملعب الشرفي، حيث تنطلق السهرات يوميًا ابتداءً من الساعة الثامنة مساءً، وسط توقعات بحضور جماهيري ضخم يضيف على الحدث طابعًا احتفاليًا استثنائيًا.

الراي… من التراث إلى العالم

يسعى مهرجان الراي للشرق إلى تعزيز الثقافة الفنية كمحرك للتنمية والتواصل بين مختلف الفئات المجتمعية. كما يتيح المهرجان منصة للحوار الثقافي والتبادل بين الفنانين والجمهور، مؤكداً على البعد الهوياتي لفن الراي الذي يعتبر جزءًا من التراث المغاربي العالمي. ويحافظ المهرجان على نكهته المحلية، حيث يسعى إلى دعم المواهب الصاعدة وإبراز الإبداع الموسيقي، دون التفريط في الأسس التي جعلت من الراي فنًا عالميًا يعبر عن تطلعات الشعوب.

تحديات جديدة وتنظيم متجدد

تأتي دورة هذا العام بمفاجآت على مستوى التنظيم، حيث انتقلت المسؤولية عن تنظيم المهرجان من جمعية “وجدة فنون” إلى جمعية تدبير الشؤون الثقافية لعمالة وجدة-أنجاد. هذه الخطوة أثارت نقاشات في الأوساط الثقافية حول كيفية تطور المهرجان ودوره في دعم المشهد الفني المحلي. رغم هذه التغييرات، يبقى المهرجان موعدًا موسيقيًا مهمًا يتطلع إليه العديد من عشاق فن الراي.

وجدة… مرجعية الراي

مهرجان الراي للشرق في وجدة هو أكثر من مجرد حدث موسيقي، بل هو احتفاء بالذاكرة الجماعية وتكريس لمكانة المدينة كمرجعية لهذا الفن الذي يوحد بين الشعوب ويمتد صداه إلى الجاليات المغاربية في المهجر. عبر كل دورة، يثبت الراي أنه فن الحياة، وأن مدينة وجدة ستظل دائمًا القلب النابض بهذا الإبداع المتجدد الذي يربط الماضي بالحاضر ويعزز روح الانفتاح والتعايش بين الثقافات.