ChatGPT Image 12 juil. 2025, 12_49_26

تيك توك على مفترق طرق: نسخة أمريكية جديدة تُطبخ على نار السياسة

في خطوة غير مسبوقة تُعيد رسم ملامح علاقة التكنولوجيا بالتجاذبات الجيوسياسية، يستعد تطبيق “تيك توك” لإطلاق نسخة أمريكية منفصلة كليًا عن نسخته العالمية، في انتظار بيع أصوله داخل الولايات المتحدة لمجموعة من المستثمرين الأمريكيين. هذه التطورات تأتي في خضم توتر متصاعد بين واشنطن وبكين، وسط اتهامات مستمرة للصين باستخدام المنصات الرقمية لأغراض تجسسية، وهو ما تنفيه شركة “بايت دانس” المالكة للتطبيق.


من التهديد بالحظر إلى الضغط على الزناد الاقتصادي

القصة بدأت حينما أصدرت السلطات الأمريكية قانونًا يجبر “بايت دانس” إما على بيع أنشطتها داخل التراب الأمريكي أو مواجهة الحظر الكامل للتطبيق، استنادًا إلى ما وصفته بـ”التهديدات الأمنية” التي يشكلها تيك توك على خصوصية المستخدمين الأمريكيين. وتخشى واشنطن من أن تجد بيانات المستخدمين طريقها إلى الحكومة الصينية، رغم النفي الرسمي والمستمر من طرف الشركة المطورة.


مفاوضات شائكة ومهلة أخيرة تسبق الموعد الحاسم

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عاد ليتصدر المشهد السياسي مجددًا، بإعلانه عن قرب التوصل إلى اتفاق شامل بين الأطراف المعنية، حيث أكد أن الصفقة تسير في الاتجاه الصحيح. وفي خطوة تهدف إلى تجنب تعطيل التطبيق في الولايات المتحدة، مدّدت الحكومة الأمريكية المهلة الممنوحة لـ”بايت دانس” إلى غاية 17 شتنبر المقبل، ما يتيح وقتًا إضافيًا للتوصل إلى حل وسط يرضي الأطراف كلها.


إطلاق نسخة أمريكية خالصة: بداية حقبة جديدة لتجربة المستخدم

وفق تقارير إعلامية متطابقة، فإن تطبيق تيك توك يعمل على تطوير نسخة جديدة خاصة بالسوق الأمريكي، من المنتظر أن تُطرح في متاجر التطبيقات يوم 5 شتنبر المقبل. هذه النسخة ستكون مفصولة تقنيًا من حيث الخوارزميات والمحتوى، ما يعني أن تجربة المستخدم في الولايات المتحدة ستختلف جذريًا عن باقي أنحاء العالم. وسيُطلب من المستخدمين تحميل النسخة الجديدة للاحتفاظ بحقهم في التفاعل مع المنصة، بينما ستواصل النسخة القديمة العمل إلى غاية مارس القادم.

لكن هذه الخطوة، التي تبدو للوهلة الأولى تقنية، تحمل أبعادًا سياسية وتجارية أعمق بكثير، وقد تغير من طبيعة المنصة كما عهدها المستخدمون في كل مكان.


رهانات الكبار: من يربح معركة السيطرة الرقمية؟

الصفقة المرتقبة تشكل مطمعًا لعدد من كبريات الشركات الأمريكية، أبرزها “أوراكل” و”بلاكستون”، اللتان تتزاحمان للاستحواذ على النصيب الأكبر من الحصة الأمريكية. في المقابل، ستحتفظ “بايت دانس” بنسبة أقلية فقط. لكن هذه المعادلة تظل مرهونة بموافقة الطرف الصيني، الذي يلوّح أحيانًا باستخدام قوانين التصدير التكنولوجي كسلاح تفاوضي، ما يضاعف من تعقيد المشهد.


ماذا يعني هذا التحول للمغاربة والمبدعين العرب؟

رغم أن التركيز منصب على السوق الأمريكي، فإن تداعيات هذه الخطوة ستصل بلا شك إلى المستخدم المغربي، خاصة صُنّاع المحتوى الذين يعتمدون على التفاعل العالمي لبناء جمهورهم. من المتوقع أن تؤثر الخوارزميات الجديدة على فرص انتشار الفيديوهات خارج النسخة الأمريكية، ما قد يقلل من ظهور المحتوى المغربي في حسابات المستخدمين الأمريكيين.

هذا التحول قد يمثل أيضًا سابقة تُلهم دولًا أخرى بتبني سياسات مشابهة، مما يفتح الباب أمام تشظي الإنترنت إلى منصات محلية منفصلة بحسب الحدود الجغرافية والسياسية.


ختامًا: العالم يترقب، وتيك توك في عين العاصفة

المشهد لا يزال غامضًا، والمفاوضات بين واشنطن وبكين لم تصل بعد إلى نقطة الفصل، لكن كل المؤشرات توحي بأن “تيك توك” في طريقه للتحول إلى كيان مزدوج، يعكس عمق الانقسام الرقمي بين الشرق والغرب. وبينما ينتظر العالم مصير هذه المنصة التي غيّرت قواعد اللعبة في عالم المحتوى الرقمي، يبقى السؤال معلقًا: هل نشهد ولادة تيك توك جديد… أم بداية نهايته؟