ChatGPT Image 11 juil. 2025, 19_12_47

في تطور يثير الكثير من التساؤلات حول مصير المساعدات الدولية الموجهة لمخيمات تندوف، كشفت تسريبات موثوقة، صادرة عن منصة صحراوية معارضة، عن وجود اختلالات مالية صارخة في تدبير الميزانية داخل جبهة البوليساريو خلال النصف الأول من سنة 2025.

ووفقاً للمعطيات المسربة، فقد حصلت الجبهة على ما يقارب 42.3 مليون يورو كمساعدات إنسانية، أغلبها من جهات أوروبية وأممية، كان من المفترض توجيهها نحو برامج الصحة، التغذية والتعليم. غير أن الأرقام تُظهر أن أقل من 7.8 مليون يورو فقط صُرفت في هذه الاتجاهات، بينما تم تحويل أزيد من 13.9 مليون يورو إلى ما وصف بـ”نفقات سيادية”، شملت:

  • إقامة وفود خارجية في فنادق فاخرة
  • تجهيز مكاتب ومقرات سكنية فخمة في العاصمة الجزائرية
  • مصاريف تمثيلية غير مدعومة بتقارير أو بيانات مالية واضحة

هذه المعطيات تكشف نمط إنفاق غير شفاف يفتقر إلى أي شكل من أشكال الرقابة أو المحاسبة، في وقت تتزايد فيه معاناة سكان المخيمات بفعل هشاشة الخدمات الأساسية.

فساد مالي وهيمنة المصالح الضيقة

تقارير دولية، من بينها ما نشره موقع “KGB Associated News”، وصفت هذا السلوك المالي بأنه “انحراف ممنهج”، حيث تُحول الأموال الممنوحة لأغراض إنسانية إلى أنشطة ترويجية ودعائية، على غرار المؤتمرات الخارجية، الرحلات “الدبلوماسية” والسكن الفاخر، بينما لا يصل إلى السكان سوى الفتات.

وتشير بعض المصادر إلى احتمالية تحويل مبالغ مالية إلى حسابات بنكية في مدريد، جزر الكناري وجنوب إفريقيا، عبر أسماء وهمية، ما يعزز فرضية وجود شبكة فساد عابرة للحدود، في ظل غياب أي تقارير تدقيق من المؤسسات المانحة.

انتهاك للمواثيق الدولية وتحذيرات قانونية

يرى خبراء القانون الدولي أن سلوك جبهة البوليساريو يُعد خرقاً واضحاً للمعايير الدولية، خاصة المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة، والمادة 60 من الأنظمة المالية لوكالات الأمم المتحدة، اللتين تؤكدان على وجوب تخصيص المساعدات بشكل شفاف لخدمة المدنيين.

ويُنتظر أن تثير هذه الفضائح تحركات جدية من طرف هيئات مثل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) والمكتب الأوروبي لمكافحة الغش (OLAF)، مع احتمالية فتح مساطر مساءلة أمام هيئات قضائية دولية.

مكسب دبلوماسي محتمل للمغرب

من زاوية استراتيجية، يرى مراقبون أن هذه التسريبات تمثل ورقة رابحة بيد المغرب لإعادة رسم صورة البوليساريو أمام الرأي العام الدولي، وفضح البنية المغلقة وغير الشفافة التي تُدير بها شؤون المخيمات.

وبإمكان المغرب، عبر القنوات الدبلوماسية والقانونية، الدفع نحو فتح تحقيق دولي شامل، وتفعيل بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، من أجل تتبع مسار الأموال وتحديد المسؤوليات بدقة.

تداعيات سياسية في الجزائر

على الجانب الجزائري، فجّرت هذه المعطيات نقاشاً داخلياً حول “عبثية التمويل غير المشروط” لكيان لا يخضع لأي رقابة، في وقت تواجه فيه الجزائر تحديات اقتصادية واجتماعية متصاعدة. ويعتبر محللون أن اللحظة مؤاتية لتفكيك خطاب “الرعاية الإنسانية” الذي لطالما تبنته الجزائر في دعم البوليساريو.


✍️ خلاصة:

التسريبات الأخيرة لم تفضح فقط أرقاماً صادمة، بل كشفت عن اختلالات هيكلية في تدبير المساعدات، وعن غياب تام للشفافية داخل منظومة تقود مصير آلاف المدنيين. وهي إشارات كافية لدق ناقوس الخطر، ودعوة المجتمع الدولي لإعادة النظر في آليات الدعم الإنساني، بما يضمن وصوله إلى مستحقيه بعيداً عن الحسابات السياسية الضيقة